الخميس، 24 يونيو 2010

المودنيال بعيونٍ جديدة !

المونديال بعيونٍ جديدة !

نسخة للطباعةSend to friend
نور الخضري - الجزيرة توك - غزة
لا أحب كرة القدم ولا أكترث لها أبداً ، لكنني في هذه المرة شعرت بأن هناك ما يدفعني للمتابعة، حاولت أن أغوص في أعماق هذه الدوافع لأفهم لماذا كنت أصرف نظري عن التلفاز الذي يعرض مباريات المونديال إلى تركيز النظر والمتابعة باهتمام.
لا أدري لماذا لم أشعر أنها مباراة كرة قدم،بل شعرت وكأنها صراع فكري وحضاري .. رغبة بالانتصار .. رغبة بالابتسامة المنكهة برائحة التفوق ..رغبة في محاربة الشعور العربي العام بالعجز .. هذه الأفكار جميعها تقافزت إلى ذهني بمجرد أن قرأت جدول مباريات المونديال وعلمت أن الجزائر ستخوض غمار المنافسة مع بريطانيا وأمريكا .
وهنا أيضاً أكرر وأقول أنني لا أدري لماذا حينما بدأت مباراة انجلترا والجزائر تبادر إلى تفكيري ما قرأته في كتب التاريخ حول الانتداب البريطاني ووعد بلفور!؟، تخيلتها معركةً قتالية وليست كروية، لست من مروجي الكراهية ضد الغرب، ولست ممن يحمل أحقاداً دفينة لصفحات التاريخ التي تروي قصة المأساة العربية .. لكنني تمنيت لو أننا نسجل هدفاً ضدهم، لأجل أن أرى مشهداً جميلاً يبتسم فيه العرب، فتجد الابن يجري نحو أبيه يخبره أننا "غلبنا بريطانيا"، ويتصل الصديق بصديقه ليرصد ردة فعله على هذا الانتصار ويقول له : " ألم أقل لك أنهم سيهزمون الإنجليز لقد كسبت الرهان وموعدنا غداً على العشاء فلن آكل طيلة اليوم في انتظار الساعة الثامنة " ، وستمتلئ المواقع الاجتماعية المختلفة كالـ facebooK وغيره بالتهاني والفرحة الغامرة ، سأنظر لأجد علم الجزائر قد تحول لصورةٍ شخصية للكثيرين،وسأرى أن معظم صفحات المعجبين والمجموعات حولت حديثها بسعادة إلى النصر الذي حققته الجزائر في المونديال.
أين أنا الآن !؟ .. كل هذه الخواطر التي جالت بي كانت أثناء مشاهدتي للمباراة، وتفاعلي مع كل لحظةٍ أجد فيها الكرة.. يركض خلفها لاعب بزيٍ لونه أخضر .انتهت مباراة الجزائر والانجليز بتعادلٍ رائع أسعدني، و يبقى أفضل بكثير من الهزيمة .

مرت الأيام وأثناء مكالمةٍ هاتفية لإحدى صديقاتي سمعت صوتاً منبعثاً من جوارها وكأنه صوت لمباراة كرة قدم فسألتها، هل تتابعون مباراة ما؟ أخبرتني: "إنها الجزائر وأمريكا .."، لم أنتظر كثيراً لأعرف ما تريده مني.. قلت لها أغلقي ونتحدث لاحقاً، فمن المهم أن أتابع هذه المباراة ، ذهبت نحو التلفاز وبدأت بالمشاهدة والمتابعة، وكان أملي كبيراً في أن تتفوق الجزائر على أمريكا لا لشيء إلا لأرضي غروراً عربياً يعيش في داخلي ، وإن كان الانتصار لن يأتينا إلا من خلال كرة القدم فأهلاً به .. لربما تلحقه انتصارات أخرى .

مضت الدقائق التسعون للمباراة وضاعت فرص كثيرة لكلا الطرفين، وفي الوقت بدل الضائع استطاع لاعب أمريكي أن يسجل هدفاً في مرمى الجزائر ، لكنه ورغم عدم خبرتي بهذه اللعبة كان هدفاً سهلاً يستطيع لاعب ذو مهارة ضئيلة أن يسجله، فقد كان المرمى أمامه مفتوحاً وكان الحارس والمدافع على الأرض، فما كان منه إلا أن اقتنص الفرصة ليسجل هدفاً يهز به شباك الجزائر، لتهتز القلوب العربية ألماً وحسرة .

انتهت المباراة وانتهى معها اهتمامي بالمونديال .

أعلم بطبيعة الحال أن هناك من ينظر إلى كرة القدم على أنها لعبة سخيفة ،لا تستحق هذا الاهتمام العالمي لكنني في كل لحظةٍ من لحظات المباراة كنت أرتدي نظارة التاريخ ، وكان بحوزتي الكثير من التفاؤل لترتسم ابتسامة جميلة على وجه مواطن عربي بسيط كان يتابع المباراة .

ولكني أقول لربما بعد أربعة أعوام يحمل لنا المونديال القادم أملاً بتألقٍ عربيٍ أكبر، وحينها سأكون متابعةً أولى لكل مباراةٍ عربية فربما تعيد لنا كرة القدم أمجاداً فشل الآخرون في استعادتها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق