الخميس، 10 يونيو 2010

سدى نور كايا .. تركية في غزة

سدى نور كايا .. تركية في غزة

نسخة للطباعةSend to friend

تعيش في غزة وعينها على المسجد الأقصى
نور الخضري - الجزيرة توك - غزة
اصطحب محمد نزير كايا مدير مكتب مؤسسة المساعدات الإنسانية التركية التي تعرف باسم "IHH" عائلته للإقامة في قطاع غزة ليباشر بنفسه كافة المساعدات والمشاريع التي تقدمها المؤسسة في القطاع بعد الحرب الأخيرة على قطاع غزة .
يذكر أن تركيا برزت في صدارة الدول المناصرة للقضية الفلسطينية في الآونة الأخيرة من خلال العديد من الفعاليات والأنشطة والمواقف على مختلف الأصعدة الرسمية والشعبية .
وأثناء لقائي بعائلته لفت انتباهي ابنته ذات الستة عشر عاماً وقد أدهشتني بلهجتها الفلسطينية وملامحها العربية ، نظرت إليها وقلت لها تبدين وكأنك فلسطينية ، تبسمت لي .. وتابعت حديثي معها وقد امتلأ المكان عزاً أتى من عبق التاريخ المجيد .

التحقت سدى نور كايا بالصف التاسع في مدرسة دار الأرقم النموذجية في مدينة غزة لتتابع تعليمها هناك بعد قدومها مع عائلتها للإقامة في غزة ، أعجبتها المدرسة ونظام التعليم وأخبرتني أنها لا تواجه صعوبات كبيرة في المنهاج الدراسي المقرر رغم اختلاف اللغة والثقافة .

سدى نور لازالت تحمل في ذاكرتها الكثير من علامات التعجب لما رأته وشاهدته في قطاع غزة من آثار العدوان الإسرائيلي الأخير .. وتقول أنها تفاجأت من استهداف الاحتلال للمدارس والمنازل بشكلٍ عشوائي حيث أنها لم تكن تتخيل وجود من يطلق الرصاص على المدارس في أي مكان بالعالم .. لم تكن مهتمة بمتابعة الأخبار كثيراً قبل انتقالها للعيش في غزة وهذا ما يفسر تعجبها مما رأته خلال معاينتها لواقع الحياة في غزة.

لكنها في ذات اللحظة لم تكن تتوقع أن تجد غزة جميلة ونظيفة كما رأتها ، فصورة الدمار والهدم كانت تطغى على أي صورة بلونٍ مختلف لكن الواقع الذي تعيشه بدأ يرسم لوحةً أخرى تمحو شيئاً فشيئاً تلك اللوحة القديمة ذات اللون الرمادي العالقة في ذهنها ،أعجبت بالبحر بالبيوت بالشوارع بالهواء الذي يغذي رئتيها بأكسجين العزة والصمود .

" كتير طيبين" هكذا وصفت الفلسطينيين وقالت أن معاملتهم وحبهم وكرمهم قد زادها إعجاباً بهم رغم صعوبة الظروف التي يعيشونها إلا أن ابتسامة الأمل لا تفارقهم .

لم يكن سهلاً عليها أن تعيش في بلدٍ.. الموت فيه أسهل من الحياة .. شعوراً من الخوف والقلق انتابها في بداية حياتها الجديدة إلا أنه تلاشى شيئاً فشيئاً حتى اندمجت مع ظروف غزة وأصبحت تعيش فيها كأي فتاة فلسطينية لا تكاد تفرق بينهما .

"أحب مساعدة الناس والوقوف في صف الحق ومناصرة الصمود الفلسطيني ، لذلك فأنا هنا " بهذه الكلمات اختصرت لنا سدى نور دافع وجودها وبقائها في غزة وأضافت أن الأخوة الإسلامية هي أعمق وأقوى من رابط العروبة ، لم أكن لأعارضها فما وجدتُ حتى اللحظة عائلةً عربية أتت لتعيش في قطاع غزة وتضحي بكل ما تملك كما فعلت عائلتها .
حلم سدى نور لم يتوقف عند حدود قطاع غزة فإنها تحلم باليوم الذي ترى فيه المسجد الأقصى محرراً لتصلي فيه وتعانق روحها مصلاه .

سدى نور تحاول أن تسجل في صفحات حياتها معاني التضحية والصمود فهاهي تعيش هنا في غزة تعاني من انقطاع الكهرباء والماء ، ولا تستطيع السفر إن رغبت في زيارة بلادها ، ولربما لو أرادت أن تشتري شيئاً من السوق وجدته مفقوداً بسبب الحصار ، ولربما لو أصابها مرض لما استطاعت إيجاد الدواء اللازم لها ، ولا أدري إن كانت ستغلق أذنيها عندما تسمع أصوات الطائرات و الانفجارات لتركض نحو أمها وقد ارتجفت يداها من شدة الخوف ، كل ما أعلمه أنها قررت الحياة هنا بعيداً عن ملاعب الطفولة وأحلام الصبا لتجد نفسها في سجنٍ كبير تسكنه بسعادة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق