السبت، 19 يونيو 2010

لست صحفياً في غزة أنا هنا عباس الإنسان

لست صحفياً في غزة ..أنا هنا عباس الإنسان

عباس ناصر يروي للجزيرة توك ما رآه في القطاع

نور الخضري الجزيرة توك - غزة
ربما لا يكون منطقياً نشر مقابلةً بعد مرور عامٍ من إجرائها، لكن المعادلة تختلف هنا فالحديث عن عن حرب غزة لم ينته تاريخ صلاحيته بعد ..
كانت ليلةً ماطرة عندما أقلتني السيارة إلى فندق القدس الدولي بالقرب من شاطئ بحر غزة ، مشاعر متداخلة.. وأفكار أحاول أن أرتبها وأنسقها حتى أستثمر كل دقيقة في المقابلة، وصلت على الموعد لإجراء مقابلة مع الإعلامي عباس ناصر مراسل قناة الجزيرة الفضائية، الذي بكلمته الراقية قاد أعيننا إلى حيث الحقيقة، وقدم لنا قصص الألم والمعاناة التي شاهدها في غزة بنكهة مختلفة وبأسلوبٍ جديد .
الجزيرة توك : كيف تم انتدابك للمجيء إلى غزة؟

كانت لدي رغبة في القدوم إلى غزة ، وخصوصاً مع بدء دخول سفن كسر الحصار وكان من المفترض أن آتي على سفينة الأخوة اللبنانية ، لكن عندما حدثت الحرب توقف كل شيء ومنع أي شخص من القدوم إلى غزة ، تواصلت مع قناة الجزيرة وأخبرتهم أن لدي رغبة شديدة في القدوم إلى غزة وكان هناك وعد مبدئي بالموافقة ، وبعد انتهاء الحرب تم انتدابي وهذا ما حصل .

الجزيرة توك : ما هي دوافع رغبتك لزيارة غزة؟
كان عندي حلم لدخول غزة لرمزية غزة، وكان أمراً شخصياً وذاتياً فقد تربيت منذ الصغر على حب فلسطين وعشنا على حلم فلسطين وقد كان أقرب إلى الحلم ثم تحقق .


الجزيرة توك : هل كان لهذه المشاعر أثر على تقاريرك ؟
أعتقد أن المراسل الصحفي هو إنسان ولا يستطيع أن يتجرد من مشاعره ، بإمكانه ضبط قلمه لكنه لن يستطيع ضبط صوته وانفعالاته، لا أنكر هذا الأمر وهو لا يخجل ، فهذه قضية كل العرب والمسلمين ولها بعد قومي وإنساني وإسلامي وتتجاوز الأمور الضيقة ، وبهذا المعنى فإن الانتماء لها والانحياز لها بشكل أو بآخر أمر مشرف وأقصد هنا الانحياز لها بشكل مهني وهذا ما حاولت فعله .

الجزيرة توك : ما هو أكثر موقف أثر بك أثناء وجودك في غزة؟
عندما تتزاحم الأحداث المأساوية يكون هناك تنافس أيها أشد تأثيراً ، المشهد بمجمله كان مؤثراً ، لا يوجد حادثة بحد ذاتها ، كان هناك معاناة جماعية ، اعتدنا كصحفيين أن نظهر معاناة الجماعة من خلال حالات معينة ، التعميم هو الواقع الذي ينكس على كل شخص ، الحصار جماعي والمأساة جماعية كل مشهد غزة هو مشهد مؤثر .

الجزيرة توك : بالإضافة للمعاناة ، ما هو الجانب الآخر الذي رأيته لغزة ؟
هناك إرادة حياة في غزة ، كنت أعتقد أن حال الناس ستكون أكثر مأساوية من الناحية المعيشية ، فاجأني المسرح المدمر الناس تقيم فيه مسرحيات ، فاجأني أنه عندما تحصل غارة في شارع معين بعد عشر دقائق الناس تسير فيه وكأن شيئاً لم يحدث ، هناك تطبع مع الوضع المأساوي بالتوازي مع رفضه ولا يوجد إحباط وهذا أمر ملفت .

الجزيرة توك : ما هي الشهادة التي تسجلها بعد ما رأيته في غزة؟
غزة شرفت كل الناس وكل العرب والمسلمين لأنها أعادت تصويب البوصلة باتجاه القضية الأساسية ، قضية فلسطين ولا يجب أن تنحرف اتجاهاتنا عنها ، رغم وجود بعض الأمور النقدية التي تقال هنا أو هناك لكن الذي الحدث يعنينا كلنا ، وأنا أقول كل إنسان استشهد هنا استشهد عني وكل بيت دمر دمر عني وكل بيت أصيب أصيب عني ، أنا هنا لا أتحدث كصحفي بل أتحدث كعباس الإنسان .

الجزيرة توك : مقارنة سريعة بين حرب غزة ولبنان؟
بشكل مختصر الدمار بلبنان أكثر بكثير ولا قدرة على المقارنة على ما دمرته إسرائيل بلبنان وغزة لكن المعاناة في غزة أكثر من المعاناة في لبنان ، لأن غزة بها كثافة سكانية أعلى ، لم يكن هناك مكان آمن في غزة فقد اختلط الأمر العسكري بالمدني ، أما في لبنان فكانت الأمور أسهل واستطاع المدنيون النزوح من بعض المدن ، لكن هذا لا يمكن حدوثه في غزة ولكن في النهاية العدو واحد وآلة الإجرام واحدة ونية الإجرام والقتل واحدة ، هناك قضية مشتركة وهذه القضية ممتدة إلى مجمل الوطن العربي

الجزيرة توك : ما هو مفهوم الحيادية والموضوعية لديك؟
أنا أفضل أن أتحدث عن المهنية لأن مفردات الموضوعية والحيادية تفسيراتها متباينة ، فالشرط أن تكون مهني ولديك مصداقية لا تضخم ولا تعتم وتستند إلى المعايير المهنية ، فالصحفي لا يستطيع أن يتجرد من مشاعره و ربما لو استطاع أن يتجرد فهذا أمر مطلوب لكن لا أحد يستطيع أن يتجرد بشكل عام ،
السؤال هنا كيف يمكن أن يقدم الصحفي ما يقتنع به ولا يفرضه على الناس ، أن يقدم أطروحته ورسالته دون أن تشكل وصاية وأبوية أو شكل دعائي فظ وفاضح ووقح أحياناً ، عليه أن يكون متوازن بإظهار كافة الجهات والصور ، لذلك المعايير المعلبة يجب إعادة مناقشتها وفقاً للاعتبارات الموجودة وليس بالضرورة رفضها
يجب مناقشة عندما تقوم إسرائيل باستخدام أسلحة ممنوع دولياً هل التعاطي مع هذه القضية بشكل يظهر سوء إسرائيل يسمى هذا انحياز ، هل إذا تبنى قضية رفض قتل الأطفال يكون منحاز ، مسائل بحاجة إلى نقاش ، ليست فقط استخدام المفردات فالعمل الصحفي متكامل كل ما يقدمه المراسل بمشاعره وانفعالاته وصوته ونبرة الصوت تعطي انطباع بهذا الاتجاه أو ذاك ، فهل يمكن أن نحاكم الصحفي على نواياه ؟

الجزيرة توك : تقييمك للإعلام العربي وهل فعلاً يشكل السلطة الرابعة؟ ؟
الإعلام وصل إلى مرحلة متقدمة جداً فالحروب أصبحت تنقل على الهواء مباشرةً في لحظتها وهذا محط تقدير للإعلام العربي ، ليست الجزيرة وحدها وإن كانت رائدة في هذا المجال فهناك طفرة إعلامية والإعلام يشكل نوع من السلطة نعم ،وعندما نتحدث عن السلطة نتحدث عن قدرة التأثير ، ففي الواقع الإعلام يؤثر على الرأي العام لكن السؤال إلى أي حد يؤثر الرأي العام بالمجتمعات ، يجب أن يكون النقاش عن قوة الرأي العام وتأثيره على الأنظمة والحكومات ، وفي الحقيقة الرأي العام لازال قاصراً على القيام بدوره .
المظاهرات والاحتجاجات التي رأيناها في مختلف أنحاء العالم كانت بسبب كبر القضية وحجم المأساة ورمزية فلسطين ومن نقل هذا الواقع كان الإعلام .أثناء الضربة الأولى في غزة الكاميرا وصلت قبل الإسعاف وهذه قضية تسجل للإعلام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق