الأحد، 12 فبراير 2012

6 جنسيات * 6 أيـام !



هناك في مصر .. وتحديداً في مدينة القاهرة التي أشعر في كل مرة أزورها أنها تتسع أكثر فأكثر حتى تكاد تضم مصر كلها إليها ! 
كنا نسير أنا وصديقاتي باتجاه أحد المجمعات التجارية لابتياع بعض الاحتياجات التي كانت تلزمنا وقد تقابلنا في طريقنا ببعض المتسولين الذين تسارعوا نحونا يطلبون المساعدة ويسألوننا إن كنا من ليبيا فنظرنا أنا وصديقاتي إلى بعضنا البعض وضحكنا في نفس اللحظة فما هو وجه الشبه بيننا وبين الليبيين لم نفهم .. ولم نعر الأمر إلا اهتمام دقائق فقط ومضينا في طريقنا لنصادف آخرين يسألوننا إن كنا من ليبيا !  ما الأمر لسنا نتحدث اللهجة الليبية .. ولا نعتقد أن لنا شبهاً بالليبيين .. كنا نحاول أن نبحث عن الرابط العجيب .. لنفهم السر هنا ! حتى أخبرنا أحدهم أن الليبيين أثناء الثورة نزح الكثير منهم إلى مصر ..فمن كثرتهم أصبح البعض يعتقد أن كل غريبٍ عن دياره يتحدث بلسانٍ غير مصري هو ليبي .. ! 


مضى هذا اليوم وقد كانت الجنسية الليبية هي هويتنا بينما نتجول في بعض شوارع القاهرة وفي صباح اليوم التالي وبينما نحن نتجول في مكانٍ آخر استوقفنا أحد المحلات التي تبيع الإيشاربات المزركشة بالأحرف العربية وبينما نتحدث مع صاحبة المحل صمتت لحظة وقالت لي يبدو أنك من الأردن أليس كذلك صمت للحظة وقلت لها لا .. بل أنا فلسطينية .. لكن دعيني أخبرك أمراً هناك الكثير من أهل الأردن من ذوي الأصول الفلسطينية لذلك ستجدي تشابهاً بيننا .. شعرت أنها لم تفهمني لأنها أصرت أنني أبدو كأردنية فقط ! لم أشأ إكمال جدالي معها ابتعت الإيشارب وانصرفت إلى مكانٍ آخر كلما مشيت فيه باتجاه سمعت صوتاً عالياً يخبرني أأنت من سوريا؟؟ سوريا؟؟ جلت ببصري نحوهم لا أدري هل أرد عليهم وأقول لهم لا أنا فلسطينية ! أم أمضي في طريقي ولا ألتفت لهم .. وقد فعلت !


مضى وقت طويل يكفي لكي أشعر بالجوع  فذهبت إلى أحد المطاعم المكسيكية ! وجلست على الطاولة في انتظار ما طلبت وفي ذلك الوقت شعرت بأن بطارية هاتفي النقال قد شارفت على الانتهاء فناديت النادل وقلت له بلهجة فلسطينية : " لو سمحت بدي أشحن جوالي في إمكانية"؟ فتغيرت تعاليم وجهه ونظر إلي بنظرة كلها أسى واعتذار وقال لي بلهجةٍ مصرية :" معلش حضرتك أنا مابتكلمش سعودي" لم أتمالك نفسي من الصدمة ! قلت له :" بس هادا مش سعودي "! فقال لي معتذراًومصححاً :" ولا بتكلم كويتي حضرتك معلش " وهم بالانصراف لكنني باغته وقلت له :" وهادا مش كويتي !" " هادا فلسطيني "!! ظل صامتاً للحظات ومن ثم أخذ مني هاتفي ليشحنه ! وتركني حائرة ! ليزيد حيرتي مدير مطعمٍ آخر زرناه في آخر يومٍ لي في القاهرة وقد كنت أتحدث إلى إحدى صديقاتي عبر الهاتف النقال وبينما أنا منهمكة بالحديث جاء إلينا مدير المطعم مرحباً بشدة يسأل صديقاتي بعد أن سمع لهجتي ومكالمتي قائلاً لهم " أهلا بيكم انتو توانسة" ؟؟ 


يا إلهي !! حتى اللحظة لم أصادف أحداً يسألني هل انتي فلسطينية .. كم كنت مشتاقة لأسمع :" يبدو أنك فلسطينية" من شخص ما يراني هناك ! الكل يجمع على أنني غريبة عنهم منحوني 6 جنسياتٍ ولكنهم أبعدوني عن وطني .. أعذرهم لكنني تألمت كثيراً شعرت أن هويتي ضائعة فعلاً حتى وإن كنت أملكها فلا أحد يعرفني .. فلهجتي لا يفسرها أحد ولغرابتها عليهم يحاولوا أن يقربوها لأقرب لهجةٍ يعرفونها فيبدأوا بالتخمين فهذا يعتقد أنني أردنية وذاك أنني سورية والآخر تونسية .. تتوق نفسي لأن أقابل أحداً يخبرني ويقول لي ! أنت فلسطينية ! هويتي تبعثرت وضاعت .. وإن كان من سببٍ لضياعها هو تقصير وإهمال إعلامي .. فكم هو عدد المسلسلات الفلسطينية أو الأفلام الفلسطينية التي انتشرت في الوطن العربي ليفهم المصري أن كلمة " بدي" يعني " عايز" ويعرف أن أحدهم عندما يقول " بدي أحكيلك شغلة" يعني :" عايز أقولك حاجة" متى سنبدأ بتأسيس إعلامٍ فلسطيني وهوية فلسطينية ليميزنا الآخرون بها .. 
أم أنها تلك الصورة النمطية المطبوعة في عقول كل عربي على أن الفلسطيني هو الملثم الذي يحمل الحجارة في كفه أو أنه ذلك الرجل المسكين الذي يبكي على أطلال منزله فقط .. أو أنها تلك المرأة التي تلبس تنورة سوداء فضفاضة وشالاً أبيضاً كبيراً ترفع يديها تدعو على اليهود وتبكي أمام بيتها المهدم .. هي مشاهد واقعية تحكي معاناة الشعب ..لكن الهوية الفلسطينية أكبر وأعمق من هؤلاء.. 

هناك 10 تعليقات:

  1. عنجد بهنيكي على مقآلك أثر فيّ و كل مآ كنت أمشي فيه شوي أتشوق شو رح يصير بعدين
    شكله إحنآ آلفلسطينية مآ حدآ بيعرفنا :(

    ردحذف
  2. اليهود مو سرقوا ارضنا فقط ... لكن سرقوا هويتنا وسرقوا احلى ايامنا .. صرنا شعب ضايع بين الشعوب مجهولين التراث ومجهولين اللهجة ... مقالك رائع وبما اني مغتربة بعترفلك انه كلنا مرينا بنفس اللي مريتي فيه

    ردحذف
  3. فعلا كلنا بنعاني من نفس الموضوع...نسي العرب طهارة ارض فلسطين ارض الانبياء وارض الاسراء والمعراج.. حماك الله يا حبيبتي فلسطين

    ردحذف
  4. رجاء التصويت عن طريق عمل لايك لصفحة شبابيك ومن ثم عمل الضغط على الصورة
    وعمل لايك للصورة نفسها
    ومن ثم عمل شير
    http://www.facebook.com/photo.php?fbid=376979218985403&set=a.375033075846684.105775.257791830904143&type=1&theater

    ردحذف
  5. فعلاً هويتنا انطمست واندهست تحت المفاهيم البائسة الحالية .. رائع ما تكتبين وهو لسان الحال المعبر عن كل فلسطيني مغترب عن أرضه للأسف ..الأمل في الإعلام الفلسطيني خائب وغائب , يبقى الأمل فينا نحن كجيل واعي ومؤمن بهويته الفلسطينية الأصيلة

    ردحذف
  6. يَ عزيزتِي .. إنتِي شبهُوكي بِ الأردنية والتوانسة والليبيّة !
    أنا عايش فيها المُشكلة ... ولما بقلِب فلسطيني ما بلاقي منهُم غير " إنت ليبي؟ أحا، مش عارِف شو جاب اللهجة الليبية للفلسطينية .. وإللي فِعلاً يقهرك أكثر! تحكيلُه; لأ مش ليبي! يقُول: أمّال إيه؟ فَ برُد عليه بِ جوابي المُعتاد: لأ هندي بس بستهبل وعامل فيها ليبي.
    ع كُل حال .. الشيء هذا ملُوش علاقة بِ الهوية زَي مافِي ناس حكَت أو اللغة الفلسطينية إنطمست!
    فِعلاً المصريين ما بيعرفُوا يحكُوا غير لهجتهم. وما بيفهمُوا أي لهجة ثانية للأسف مُعظمهم وبنسبة كبيرة جداً جداً جداً.. وركزِي هُون " أي شخص أياً كان بيحكِي لُغة غير لغتهم بيحكوا عنه "عرباوي" عَ أساس أنه هُم من الهند يعنِي. :‘)
    وإن شاءالله تكُونوا تبسطتُوا بِ قاهِرة المُعِز .. إحترامي !

    ردحذف
  7. فلسطينية في الغربة26 مارس 2012 في 9:46 م

    هي ضريبة بدفها كل فلسطيني عايش في الشتات ولكن بإذن الله منصورين بايماننا بالله تعالى وثقتنا واملنا بالشباب الواعي والمؤمن بالقضية ... ايدنا بايدهم ويوما ما وقريبا بإذن الله ستتغير الصورة وانا ثقتي كبيرة بشبابنا وشاباتنا وادراكهم لحجم معاناتنا في الغربة. المشكلة فقط في الاعلام الذي ساهم في طمس هويتنا ... ويبقى الامل
    منصورة يا فلسطين

    ردحذف
  8. وطن النجوم انا هنا حدق اتذكر من انا
    أنا ذلك الولد الذي دنياه كانت ههنا !
    أنا من مياهك قطرة فاضت جداول من سنا
    أنا من ترابك ذرّة ماجت مواكب من منى
    أنا من طيورك بلبل غنّى بمجدك فاغتنى

    ردحذف
  9. مقال رائع اخت نور

    ردحذف
  10. حبيبتي نور،لك أنا مصرية بس بحاول أكلمك فلسطيني حتى ما تزعلي، وبعرف إنه الفلسطيني تبعي مو منيح، لكن سامحيني : )
    الموضوع ماله علاقة أبدا بإننا كمصريين ما بنعرف اللهجة الفلسطينية، المصريين معظمهم ما بيعرفوا يفرقوا أصلا بين اللهجات العربية المختلفة
    والمثقفين شوي، الدارسين وفاهمين، بيصنفوا اللهجات لتلات لهجات، لهجة أهل المغرب، لهجة أهل الشام، لهجة أهل الخليج
    لكن نادرا ما بتلاقي حدا مثلا بيعرف كيف يفرق بين السوري واللبناني والأردني والفلسطيني، لأنهم بالنسبة لنا كتير قريبين من بعضهم
    ومنشان نعرف.. بدنا نعيش في فلسطين شوي، ووالله هاد حلم الجميع هون، وخليني أتكلم عن نفسي.. هاد حلمي من الطفولة
    أزور فلسطين، لأتبرك فيها، وأطهر بطهرها
    وإن شاء الله، ظني بربي كبير، لأحقق حلمي قبل ما أموت

    ردحذف